الموقع قيد التطوير

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit

تجارة الأعضاء البشرية في سوريا تزدهر بسبب الحرب

أحمد حاج حمدو- يقول أطباء وضحايا أن الإتجار بالأعضاء البشرية أصبح منتشراً في سوريا والدول المجاورة لها، وأن هناك شبكات تعمل بين عدة دول وتستغل […]

أحمد حاج حمدو- يقول أطباء وضحايا أن الإتجار بالأعضاء البشرية أصبح منتشراً في سوريا والدول المجاورة لها، وأن هناك شبكات تعمل بين عدة دول وتستغل آلاف السوريين اليائسين.

تشتري هذه الشبكات أعضاء قابلة للزرع مثل الكلية وقرنية العين من أشخاص سوريين، وتشحن هذه الأعضاء إلى إحدى دول الجوار حيث تختفي في عالم تجارة الأعضاء المظلم. هناك أيضاً إدعاءات بأن هذه الأعضاء مسروقة من سجناء ومعتقلين.

ياسر، ليس اسمه الحقيقي، باع إحدى كليتيه. قال لسيريا ديبلي: “أسوأ قرار اتخذته في حياتي”. ياسر البالغ من العمر 29 عاماً، ترك مدينته حمص بعد أن بدأت الحرب في سوريا، وسافر إلى القاهرة. ولكن مثله مثل الكثير من السوريين، واجه ياسر صعوبات كبيرة في إيجاد عمل، حتى وجد نفسه مشرداً لا يملك أي مبلغ من المال.

سمع ياسر من أحد أقاربه أن بعض الناس قد يدفعون له المال مقابل الحصول على إحدى كليتيه. “كنت جديداً في مصر. لم يكن لدي أي مال، ولم أتمكن من إيجاد أي عمل، لذلك كان خياري الوحيد أن أبيع كليتي اليسرى”.

دعاه أحد الوسطاء إلى منزله وحدد موعد لإجراء الإختبارات الطبية اللازمة وموعداً للعملية الجراحية. قال ياسر: “بعت كليتي مقابل $3,000 لشخص لا أعرف عنه أي شيء. التقينا لمدة لا تطول عن ربع ساعة قبل أن نتم الصفقة”.

انتقل ياسر إلى اسطنبول بعد إجراء العملية، حيث يعيش في منزل مع شباب لاجئين آخرين ويعمل في متجر للسيارات. تركت له العملية الجراحية أثراً مستداماً، جسدياً وعاطفياً، ولم يكن يشعر بالراحة لمشاركة المزيد من التفاصيل. “لن أسامح نفسي أبداً على ما فعلت”، هكذا قال ياسر الذي يعاني من آلام في كليته اليمنى المتبقية، وقد أخبره الأطباء أنه قد يموت إذا لم يكن حذراً جداً.

ليس هناك أي إحصائيات دقيقة حول مدى انتشار هذه التجارة. حسين نوفل، رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق ورئيس الهيئة العامة للطب الشرعي التي تشكلت حديثاً، عمل خلال الفترة الماضية على جمع أدلة حول موضوع الإتجار بالأعضاء البشرية، وبحسب تقديراته فإن هناك حوالي 18,000 سوري فقد أحد أعضائه خلال السنوات الأربعة الماضية.

أخبرنا الدكتور نوفل أن هذه التجارة تنتشر بشكل أساسي في المناطق الحدودية، خارج سيطرة النظام السوري وفي الداخل التركي ومخيمات اللجوء في لبنان. وبحسب الدكتور نوفل إن أسعار الأعضاء غير ثابتة. في تركيا يمكن شراء كلية مقابل  $10,000، بينما في العراق يهبط السعر حتى 1,000$، أما في لبنان وسوريا تباع الكلية مقابل حوالي $3,000.

وفي حديث للدكتور نوفل مع جريدة السفير المعروفة بقربها من النظام السوري، العام الماضي، قال أن العصابات التي تعمل مع الأطباء السوريين يبيعون قرنية العين مقابل $7,500  لعملاء أجانب ويخفون عن العملاء اسم البلد الذي أحضروا منه القرنية.

حتى في الدول التي تشهد حروباً هناك قوانين، ولكن القوانين حول تجارة الأعضاء البشرية في سوريا غامضة، ومع الصراع المحتدم، يصعب تطبيق القوانين أو حتى إحالة المشكلة إلى القضاء.

هناك مئات الملصقات المنتشرة في شوارع دمشق التي تطلب متبرعين بأعضاء، خاصة في المناطق القريبة من المشافي والصيدليات. ويكتب في الإعلانات غالباً كما يلي: “مريض بحاجة ماسة إلى كلية. زمرة الدم المطلوبة O+. سنقوم بإجراء تحليل أنسجة. إذا كنت مهتماً بالتبرع، يرجى الإتصال على الرقم أدناه”.

لا يمكن للسلطات أن تفعل الكثير حيال هذه الإعلانات، لأن القانون السوري ينص على أن التبرع بالأعضاء للأقارب والغرباء هو فعل قانوني. ولكن لمزيد من الإلتفاف حول القانون، يقوم “المتبرعون” الذين يستجيبون للدعوات المكتوبة على الملصقات بالذهاب إلى المحكمة ويشهدون على أنهم يتبرعون بأعضائهم، لا يبيعونها.

على الرغم من ذلك، وصلت أكثر من 20 شكوى متعلقة بتجارة الأعضاء البشرية إلى المحكمة في دمشق بين مارس/آذار 2011 وسبتمبر/أيلول 2015. لم تكن تصل شكاوى من هذا النوع إلى المحكمة قبل أن يبدأ الصراع في سوريا، بحسب أحمد السيد، المدعي العام في ريف دمشق.

هذه الشكاوى التي تضمنت أسماء مجرمين، بالإضافة إلى أسماء العديد من الأطباء والمشافي، تقدم بها بشكل أساسي أقرباء أولئك الذين ماتوا ضحية هذه التجارة. إنه من الصعب جداً أو حتى من المستحيل أن يحال هؤلاء إلى المحاكم نظراً لصعوبة تقفي أثرهم وسط الفوضى التي تعم البلاد.

بحسب تقديرات المدعي العام أحمد السيد، هناك ما لا يقل عن 20,000 حالة بيع أعضاء بشرية بشكل غير قانوني عبر البلاد منذ أن بدأت الحرب، خصوصاً في المناطق الحدودية، حيث لا يوجد محاكم أو شرطة تطبق القانون.

مصدر قضائي من وزارة العدل السورية طلب عدم ذكر اسمه أخبر سيريا ديبلي أن الشرطة لا تملك المصادر الكافية لمتابعة الحالات الفردية والتأكد من أن “المتبرع” لم يقبض مالاً مقابل العضو الذي تبرع به. الدكتور محمد، أخصائي أورام، قال إن تجارة الأعضاء البشرية منتشرة في الأرياف الشمالية في حلب وإدلب. “طلب مني طبيب جلدية أن أبيع أعضاء معتقلين مواليين للنظام في ريف إدلب، بما أنه، حسبما قال، سيتم إعدامهم في جميع الأحوال”، هكذا قال الدكتور محمد المتخصص في جراحة الأورام، والذي سافر مؤخراً إلى سوريا لعلاج المرضى في الأرياف المحيطة بمدينة إدلب.

أخبره طبيب الجلدية أن هناك الكثير من الأشخاص الراغبين بدفع المال مقابل الحصول على أعضاء، وأن هذه الأموال ستذهب إلى شراء معدات طبية لازمة، ولدعم الفصائل المعارضة المسلحة. رفض الدكتور محمد لأسباب أخلاقية، كما أنه كان قلقاً لأن هذا النوع من الممارسات قد يفضي إلى اعتقال أشخاص أبرياء لأخذ أحد أعضائهم. كان رفضه سبباً في اتهامه بالتعامل مع النظام السوري.

أخبرنا الدكتور محمد أن تنظيم الدولة الإسلامية قد حاول قتله عدة مرات عندما بدأ بتصنيع الأدوية، فانتقل إلى ريف حلب عندما عجت إدلب بالفصائل الإسلامية المتشددة. “المنطقة التي انتقلت إليها كانت أيضاً تحت سيطرة تنظيم الدولة، ورأينا الكثير من الجثث التي قد تم انتزاع أحد الأعضاء منها، في أغلب الحالات الكبد والكلية اليسرى، ورأيت جثة واحدة قد انتزعوا منها المثانة”.

مرهف المعلم، مدير المركز الإستشاري للدراسات وحقوق الإنسان، قال أن منظمته قد وثقت عشرات حالات بيع أعضاء سوريين داخل سوريا وخارجها. “يلقي المركز اللوم على الدول المجاورة لسوريا في هذه الحالة، لأنهم لا يقدمون للاجئين السوريين أي حماية أو فرص للعمل، مما دفع الكثيرين منهم إلى بيع أعضائهم ليتمكنوا من إطعام عائلاتهم. فقرهم جعلهم ضحية سهلة لعصابات تجارة الأعضاء”.

نُشر التحقيق في المجموعة الإعلامية السورية المستقلة.


اترك تعليقًا

التسجيل غير مطلوب



بقيامك بالتعليق فإنك تقبل سياسة الخصوصية

لا يوجد تعليقات