في عصر الفورة الرقمية.. هذا ما على الصحفيين معرفته عن الأخبار الكاذبة
AJNET: عقدت المؤسسات الإخبارية التقليدية اتفاقا “مع الشيطان” عندما تحولت إلى وسائل التواصل الإجتماعي ومحركات البحث للإستقطاب من أجل الفوز بجمهور الإنترنت وبالتالي تحقيق الأرباح.
فقد قامت المؤسسات بتوظيف مديري مجموعات لتطوير صفحات الفايسبوك وتويتر وإنستغرام وزيادة عدد الإعجابات. كما اصبحت تستخدم الوسم للمقالات من أجل رفع نتائج البحث.
الجانب الشيطاني من الصفقة هو أن وسائل الإعلام الأخلاقية تحاول بيع معلومات موثوقة وحقائق في محيط من مضطرب من العواطف. على وسائل التواصل، المشاعر أكثر أهمية من الحقائق. الناس تريد أن تعبر عن نفسها وأن تقول ما تؤمن به. لذا فإنهم يبدون إعجابهم بأمور ويشاركون أمورا تعزز النظرة التي يتبنونها وتتوافق معهم. العواطف تتفوق على الحقائق.
المقالات الشعبية التي يتم مشاركتها وربطها ترفع نتائج البحث على غوغل ومحركات أخرى. من السهل مشاركة والإعجاب بأمر يعزز وجهة نظرك وما أنت عليه.
القراءة الخاطئة للبيانات
فكرة ما بعد الإنتخابات التي يؤيدها الكثير من الصحفيين الآن هي أنه يجب التثبت من صحة ما يعرض على الفايسبوك ووسائل التواصل الأخرى، وفكرة أن الأخبار المزيفة “تُحذف” من وسائل التواصل تُظهر أنهم يسيئون فهم دينامية وسائل الإعلام الجديدة.
كرايغ سيلفمان وهو صحفي استقصائي متخصص في كيفية التحقق من البيانات على الإنترنت، كتب “كيف تفوقت الأخبار الوهمية على الحقيقية” على فايسبوك خلال الأشهر الثلاث الأخيرة من الحملة الإنتخابية.
وقد كان العديد من الزملاء الإعلاميين يجادلون بأن الأخبار المزيفة ساعدت الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الفوز بالإنتخابات.
إنّ تصاعد وتيرة الأخبار الوهمية له علاقة بتضعضع وسائل الإعلام التقليدية، كلتاهما كشركتين (غوغل وفايسبوك حازتا على كل عائدات الإعلانات الخاصة بهما) وكمصدر موثوق للمعلومات.
وسائل إعلام أخرى ندفع لها رسوم إشتراك مثل نيويورك تايمز، وول ستريت جورنال، ذي إيكونوميست، رأت أنّ وجهات نظرنا معكوسة في تلك المنشورات. ما تجاهلناه هو أن هذا النوع من المطبوعات لم يعد موثوقا بشكل كبير من الجمهور. الناس لا يهمها ما تقول نيويورك تايمز.
في إستطلاع للرأي قام به معهد رويترز، تم طرح سؤال على الناس في 26 بلدًا للتعليق على قول “يمكنك الوثوق بمعظم الأخبار أغلبية الوقت.” النسبة التي وافقت كانت الأعلى في فنلندا مع 65%، والأدنى في اليونان 20%. ما بينهما كانت ألمانيا مع 52%، بريطانيا 50%، اسبانيا 47%، اليابان 43% والولايات المتحدة 33%.
نظرا لهذا المستوى من انعدام الثقة، يجب أن نناقش الفكرة التي طرحها الصحفيون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة أن عاصفة من الحقائق الموثقة من وسائل إعلام تقليدية حول “بريكست” أو هيلاري كلينتون أو ترامب قد غيرت رأي أحدهم بالتصويت. أكثر من ذلك، تحديد الحقيقة أعقد من هذا، كما اشار جون نوتون من غارديان.
إعلام المواطن
الإمبراطوريات الإعلامية بنيت على مبدأ أن الناس يريدون السعادة والترفيه، ويرغبون بالشعور بالرضا عن أنفسهم أكثر من رغبتهم بالتعلم.
لقد نشر جون هيرمان في نيويورك تايمز خلال شهر آب مقالا أظهر فيه عدم أهمية وسائل الإعلام التقليدية وتركيزها على القضايا والحقائق. وبيّن كيف أن الإعلام المتواجد على الفايسبوك فقط أثّر على الخطاب حول الحملة السياسية مع دفاع من اليسار إلى اليمين.
ويقول هيرمان “هناك مصادر إخبارية لا تتواجد أساسًا خارج الفايسبوك، ويمكن أنك لم تسمع بها. لديها أسماء مثل ” Occupy Democrats; The Angry Patriot; US Chronicle; Addicting Info; RightAlerts; Being Liberal; Opposing Views; Fed-Up Americans; American News ومئات غيرها.”
كان في ذلك المجال أشخاص يتحدثون مع أصدقائهم ويقررون لمن يصوتون. إستطلاعات الرأي ووسائل الإعلام التقليدية فاتتها هذه المحادثة أو أنها قللت من أهميتها.
إستجابة الصحافة
تقدّم أستاذ الصحافة جيف جارفيس وجون بورثويك باقتراحات حول كيف يجب أن يتعامل فايسبوك ومنصات التواصل الأخرى مع الأخبار الوهمية، من بينها قطع عائدات الإعلانات للمواقع الوهمية الواضحة.
مارغريت ساليفان من واشنطن بوست تحث فايسبوك على استخدام مدير تحرير لمراقبة المنشورات.
جيم روتينبرغ الكاتب في نيويورك تايمز، يقول إنه إذا لم يكن هناك جهد قاسِ لصد الأخبار الوهمية فهي ستحجب الحقائق.
دليل على التفاؤل: وسائل الإعلام التقليدية لازالت مهمة
دراسة معهد رويترز المذكروة أعلاه والتي أجريت قبل التصويت على “البريكسيت” والإنتخابات الرئاسية الأميركية قدمت نظرة أكثر تفاؤلا حول مصداقية وسائل الإعلام التقليدية. وجاء في البحث أنه حتى في عصر إعلام وسائل التواصل الإجتماعي والإعلام الفردي، فإن وكالات الأنباء والعلامات التجارية الإعلامية التقليدية لازالت بالغة الأهمية.
وتابع: “على الرغم من أن مواقع التجميع ووسائل التواصل بوابات مهمة للأخبار، فإن معظم المحتوى المستهلك يأتي من مجموعات الصحف،إذاعة أوعلامات تجارية رقمية ناشئة استثمرت في المحتوى الأصلي. عبر الدول الـ26 أكثر من ثلثي العينة الخاصة بنا (69%) يدخلون إلى نسخة الصحيفة على الإنترنت كل اسبوع، وغالبية 62% يدخلون إلى موقع إذاعة على الإنترنت”.
هذا المنشور هو نسخة مختصرة من منشور أدرج على مدونة روّاد الأخبار لجايمس برينر. وأعيد نشره من قبل شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن.