الموقع قيد التطوير

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit

آلاف التغريدات على “تويتر” تكشف انقسام “النخبة التركية” حول قضية اللاجئين السوريين

كتب: مجد الدين صالح تدرّج الخطاب تجاه اللاجئ عموماً والسوري خصوصاً في تركيا ليصبح سوريالياً، إذ بدأ من المستوى الأول، وهو التشويه الشخصي والهجوم المباشر […]

كتب: مجد الدين صالح

تدرّج الخطاب تجاه اللاجئ عموماً والسوري خصوصاً في تركيا ليصبح سوريالياً، إذ بدأ من المستوى الأول، وهو التشويه الشخصي والهجوم المباشر عبر التغريدات، عبر وصفه بكلمات مثل “مغتصب- قاتل- قاطع رؤوس- يعمل في المخدرات- سارق”


في 16 تموز/ يوليو 2021 خرج رئيس “حزب الشعب الجمهوري” المعارض للحكومة وثاني أكبر حزب في تركيا، كمال كليجدار أوغلو في فيديو نشر على صفحاته في وسائل التواصل الاجتماعي حمل فيه السوريين مشكلة البطالة في تركيا، وقال إنهم عندما يستلمون السلطة سيعيدون السوريين إلى بلادهم خلال سنتين، بعد إعادة العلاقات مع النظام السوري.

تَبع هذا الفيديو، قيام كليجدار أوغلو بالتغريد 14 مرة عبر “تويتر”، حول اللاجئين السوريين، وازدادت الحملة على موقع التواصل الاجتماعي مع تخوفات من بدء تدفق اللاجئين الأفغان من الحدود الشرقية لتركيا بعد سقوط العاصمة الأفغانية كابول تحت سيطرة طالبان في 16 آب/ أغسطس الماضي.

تبع هذا التصريح، تصريح آخر لرئيس بلدية مدينة بولو التابع لـ”حزب الشعب الجمهوري”، تانجو أوزكان، تناول فيه اللاجئين قال فيه: “أوقفنا عنهم المساعدات ولكنهم لم يذهبوا، لا نعطيهم تراخيص لفتح أعمال هنا وأيضاً لا يذهبون، لذلك سنتخذ اجراءات جديدة بحق الأجانب في مدينتنا”.

عن هذه الإجراءات قال إنهم سيقومون برفع فاتورة المياه 10 أضعاف على كل أجنبي مقيم في المدينة بهدف دفعهم للخروج منها.

ترافقت هذه التصريحات مع تصريحات أخرى موجّهة ضد وجود سوريين، صادرة عن “الحزب الجيّد اليميني القومي” المعارض، والمتحالف مع”حزب الشعب الجمهوري”.

وصل الموضوع إلى ذروته عندما انتشرت مقاطع فيديو في “تويتر” وسواه من وسائل التواصل الاجتماعي في 11 آب الماضي عن قيام مجموعة من الشباب الأتراك بالهجوم على محال ومنازل وسيارات يملكها سوريون في منطقة التن داغ في  العاصمة التركية انقرة، على إثر مقتل شاب تركي على يد شاب سوري بسبب اشكال شخصي وقع بينهما.

ونفت مديرية أمن أنقرة حدوث أي إحراق لمنازل وسيارات اللاجئين السوريين، وقالت إنها اطلقت حملة أمنية للقبض على مروجي الشائعات الهادفة للتحريض على الفتنة.

عشر سنوات من الحرب… واللجوء

يحصل هذا التصاعد في نبرة الكراهية في تركيا التي تستقبل منذ بداية النزاع في سوريا قبل عشر سنوات نحو 3 ملايين و688 ألفاً و93 سورياً في كل المحافظات التركية، وتشكل نسبة السوريين للأتراك في تركيا 4.39 في المئة.

ويتركز معظمهم في اسطنبول (527 ألفاً و982 لاجئاً) وغازي عنتاب (452 ألفاً و985 لاجئاً)  وهاتاي (435 ألفاً و881 لاجئاً). ولا يقطن في المخيمات سوى 55 ألفاً و74 لاجئاً.

وكان “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، ذكر الدوافع التي أدت إلى تصاعد خطاب الكراهية من قبل الأتراك تجاه اللاجئين السوريين بسبب الوضع الاقتصادي والاختلافات الثقافية الاجتماعية والمنافسة على سوق العمل.
التجاذبات السياسية بين الأطراف السياسية التركية لها دور في تغيير الرأي العام التركي حيال اللاجئين السوريين.

مثّل تراجع الوضع الاقتصادي في تركيا وتراجع سعر صرف الليرة عاملاً محفزاً يدفع من يعارضون وجود السوريين بينهم على الأراضي التركية من السياسيين وقادة الرأي للتغريد ولإطلاق تصريحات ضد السوريين عبر تحميلهم المسؤولية، وهو ما يدفع الأتراك لتشكيل رأي عام عبر التفاعل مع المنشورات وهو ما يجعل خطاب الكراهية والرفض يتنامى شيئاً فشيئاً.

ومن هنا شكّل تناوُل شخصيات سياسية وعامة تركية مؤثرة في المجتمع التركي منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، قضية وجود اللاجئين السوريين في تركيا عاملاً دافعاً لنا كفريق من الصحافيين الاستقصائيين للانطلاق باتجاه تحليل الخطاب الموجَّه للاجئين عبر التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.

وعلى مدار عام كامل، وثّقنا آلاف التغريدات وحلّلناها لتحديد الشخصيات التي تساند اللاجئين السوريين أو ترفض وجودهم على الأراضي التركية.

كان منطلقنا الأساسي إيجاد إجابة للأسئلة التالية: هل مستخدمو “تويتر” من السياسيين والنخب التركية مع وجود اللاجئين السوريين أم لا؟ كيف ينظرون إليهم؟ وما هي لغة الخطاب المستخدمة أو المتداوله عنهم باللغة التركية على هذه المنصة؟

يجيب هذا التحقيق المدعوم بالبيانات على هذه الأسئلة ويفصّل عبر مسارات زمنية مقرونة بأحداث كيف أن خطاب الرفض أو القبول للاجئين السوريين في تركيا أصبح ورقة بيد بعض السياسيين المنضويين في أحزاب تركية وكذلك في حديث النخبة من سياسيين واقتصاديين وفنانين. .

لا نريد السوريين

يعتبر “تويتر” المنصة الأكثر استخداماً من قبل السياسيين والنُخب التركية، وهو بمثابة ساحة للهجوم والدفاع عن اللاجئين السوريين، وتتبع الترند أو الهاشتاغات فيه أظهر لنا التجاذبات الحاصلة حول مسألة اللاجئين السوريين، فمن جهة نرى هاشتاغات ضد اللاجئين قد أصبحت على شكل حملات، مثل:

#suriyelileristemiyoruz (لا نريد السوريين)

#suriyelilersuriyeye (ليذهب  السوريون إلى سوريا)

#ülkemedekisuriyeliistemiyorum  (لا أريد السوريين في بلدي)

#SuriyelilerDefoluyor  (ليطرد السوريون)

ومن جهة أخرى، نرى هاشتاغات تدافع عن السوريين مثل:

#kardeşimedokunma (لا تلمس أخي)

#suriyelileryalnızdeğildir  (السوريون ليسوا وحيدين).

خلال العمل على هذا التحقيق، درس فريق من الصحافيين الاستقصائيين خلال الفترة الممتدة من 2011  لغاية كتابة التحقيق، مراحل تطور الخطاب لدى 86   شخصية عامة تركية، وفقاً لحضورهم ونشاطهم على “تويتر” وتأثيرهم في الشارع التركي المنقسم إزاء الوجود السوري، تتضمن 48 سياسياً، ضمن حزب ومستقل، من جميع الأحزاب والتوجهات والأديان والطوائف، و7 من الشخصيات العامة وأساتذة الجامعات، و21 إعلامياً وفناناً، و10 اقتصاديين أتراك.

بعد جمع  تغريدات لـ86  شخصية (18  سيدة – 68 رجلاً)  في الفترة بين  2011 إلى 2020  بلغ  مجموعها  247596  تغريدة.

بعدها تم تحديد التغريدات الموجهة إلى السوريين عبر تجريف البيانات (Data scraping) من “تويتر”، وبلغ عدد التغريدات التي تحتوي على  إحدى هذه الكلمات ذات الصلة بموضوع اللاجئين السوريين إلى 5647  تغريدة باللغة  التركية.

بعد ترجمة التغريدات إلى اللغة العربية، حصلنا على 990 تغريدة كانت لها علاقة مباشرة بموضوع اللاجئين السوريين في تركيا.

بعدها قمنا بتحليلها عبر تصنيف التغريدة بأنها إمّا مع اللاجئين السوريين أو ضدهم، وقسّمناها على شكل محاور بحسب الموضوع الذي تناولته.

بالنسبة إلى الفريق الصحافي، كان الأساس في اختيار هذه الشخصيات هو تعبيرهم عن رأي سياسي أو اجتماعي  موجود في المجتمع التركي، على اعتبار أن لديهم تأثير سياسي حاسم على مصير السوريين وآرائهم تولّد ردّات فعل في الشارع.

تم ذلك عبر خوارزمية تم تصميمها خصيصاً لهذا التحقيق، ومن خلالها تم سحب جميع التغريدات من “تويتر” والتي تحتوي على إحدى هذه الكلمات المفتاحية: لاجئ- سوري- سوريا- نازح- مهاجر- أنصار- أجنبي- عربي.

كانت هذه الكلمات المفتاحية بحسب متابعتنا الأكثر استخداماً عند ذكر موضوع اللاجئين السوريين.

يمكن أن نرى سياسياً أو شخصية عامة لا تحظى تغريدتها بتفاعل كبير على “تويتر”، لكن لها وزن سياسي يجعلها مصدراً لخطاب الكراهية، وتكوّن بشكل أو آخر قصة من هذه الزاوية عن اللاجئ السوري، وبعدها ستتحول التغريدة إلى “ترند” وحملة من قبل المغردين أو حتى الجيوش الالكترونية، لينتشر في “تويتر” ويعمم بعد ذلك على الشارع الواقعي في تركيا.


كيف بدأت الحكاية؟

بدأ توافد اللاجئين السوريين عام 2011، حين دخل تركيا 14 ألفاً و237 لاجئاً سورياً مع بداية الثورة السورية، ولم يزدد العدد بشكل كبير عام 2012 بينما حدثت قفزة في الأرقام ابتداءاً من عام 2013 حيث وصل مع نهاية العام إلى مليون و519 ألفاً و286 لاجئاً.

واستمرت الارقام في التزايد بشكل كبير إلى نهاية 2016، حين وصل العدد وصل إلى 3 ملايين و426 ألفاً  و796 لاجئاً، وفي السنوات الأربع الأخيرة لم تطرأ زيادة كبيرة في الأرقام.وفق وزارة الداخلية فإن عدد اللاجئين السوريين الذين عادوا إلى سوريا نهاية عام 2019، بلغ 419 ألفاً و40 لاجئاً، وعدد الحاصلين على الجنسية التركية لغاية 9 أيلول 2019 بلغ 110 آلاف لاجئ (53 ألف بالغ و57 ألف طفل).

يشكل الأطفال والنساء معظم اللاجئين السوريين في تركيا بنسبة تتجاوز 70 في المئة.

النساء مع اللاجئين

أظهرت النتائج أنّ 506 تغريدات، أي ما  نسبته 51.11 في المئة من مجمل التغريدات كانت داعمة للاجئيين، و484  تغريدة أي ما نسبته 48.89 في المئة كانت ضد  اللاجئين.

إذا ما قسّمنا التغريدات بحسب الجنس فنجد أنه من مجمل 506 تغريدات مؤيدة للاجئين السوريين، 254  تغريدة من  التغريدات المؤيدة  للاجئين، كتبتها نساء، أي ما يساوي 50.19 في المئة من مجمل التغريدات، على رغم أن نسبة النساء بين العدد الكلي الذي أجري عليه البحث هي 20.9 في المئة فقط.

و252 تغريدة من  التغريدات المؤيدة  للاجئين، كتبها أو نشرها رجال، أي ما يساوي 49.80 في المئة.

بينما إذا نظرنا إلى التغريدات الـ484 المعارضة  للاجئين السوريين، كانت حصة الرجال منها 443 تغريدة، أي ما يساوي 91.5 في المئة، بينما كانت حصة النساء 41 تغريدة وحسب، أي ما يساوي 8.47 في المئة من مجمل التغريدات المعارضة للاجئين.

أكثر من غرد بشكل سلبي عن موضوع اللاجئين السوريين هم من السياسيين الرجال، بينما أكثر الشخصيات التي غردت بشكل ايجابي عن اللاجئين، كانت من الإعلاميات.

هجوم مباشر

بحسب التغريدات التي تم استخراجها، تدرّج الخطاب تجاه اللاجئ عموماً والسوري خصوصاً في تركيا ليصبح سوريالياً، إذ بدأ من المستوى الأول، وهو التشويه الشخصي والهجوم المباشر عبر التغريدات، عبر وصفه بكلمات مثل “مغتصب- قاتل- قاطع رؤوس- يعمل في المخدرات- سارق”، وقد ذُكرت هذه التهم 79 مرة في التغريدات.

بحسب التغريدات، غرّد النائب السابق عن “حزب الحركة القومية” سنان أوغان 266 مرة بين عامي 2017 و2020، أي ما يساوي 55 في المئة من التغريدات التي حصلنا عليها في إطار عدم قبول اللاجئين. 

عدد الجيش التركي 382 ألفاً و850. عدد الأشخاص السوريين القادرين على حمل السلاح والذين تتراوح اعمارهم بين 18-54 هم مليون شخص. وهذا تهديد غير مقبول للأمن القومي. وللمرشحين الذين يبحثون عن مشكلة البقاء  والوجود التركي  هذه هي المشكلة الحقيقة لبقائنا ووجودنا.


الشعب التركي ينتفض ضد الثيران السوريين الذين تدافع عنهم. يجب أن تستمع للشعب. 

هل السوريين الذين يقومون بكل هذه الجرائم من اغتصاب وتحرش وما الى ذلك متأثرون بك يا احمد حقان؟ هيا أجبني

وفقاً لما جاء في تقرير إحدى المنظمات غير الحكومية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فقد رحَّلت تركيا ما يربو على 16 ألف سوري إلى سوريا خلال 2020. وأفادت مجموعة من السوريين في أيار/ مايو بأنهم أعيدوا قسراً إلى سوريا وتعرّضوا للضغط من أجل التوقيع على وثائق تفيد برغبتهم في العودة.

 التغريد في حُب النظام السوري

شهدت موجة الخطاب الموجه إلى الشارع والعموم وإلى اللاجئين السوريين عبر “تويتر”، تغريدات عبرت في محتواها عن دعم النظام السوري بلغ عددها 105، ووُصف بأنه النظام الشرعي لسوريا، وعز مغردون سبب وجود اللاجئين في تركيا إلى الإرهاب فقط، كما اعتبروا أن حل قضية اللاجئين يكمن في الحديث مع النظام السوري.

عبد اللطيف شينار، نائب “حزب الشعب الجمهوري”، ووزير مالية سابق:

نعم لا يوجد فرق بين داعش والجيش السوري الحر. الجيش السوري الحر هو من أكل قلب عسكري سوري، وكانو يحاربون مع بعض النصرة وداعش وتحولهم الجديد هو الجيش السوري الحر. 

الدولة السورية تسيطر على 20 في المئة من الاراضي و90 في المئة من الشعب السوري يعيش في هذه الأراضي. الشعب يهرب من أماكن سيطرة المعارضة للدولة. 

الجيش السوري ربح في حلب ولا يوجد أي لاجئ على حدودنا، لكن الأماكن التي يدخل اليها داعش والنصرة هي التي تنتج عنها هجرة. 

وكانت أكثر شخصية غردت تأييداً للنظام السوري، هي رئيس “حزب وطن” التركي دوغو برينجيك الذي غرّد 32 مرة.

نحن مع الدولة السورية مع الجيش السوري مع جيراننا السوريين. وقلوبنا تخفق معهم. وتركيا تدعمهم بهذا الدفاع الكبير ضد الإمبريالية. 

ويذكر بأن دوغو برينجيك وعلى رغم انقطاع العلاقات الديبلوماسية بين سوريا وتركيا، إلا أنه زار دمشق عام 2015 مع وفد حزبي وقابل رأس النظام السوري بشار الأسد لمدة ساعة و45 دقيقة.

كما صرح عام 2019 بأن الأسد دعاه إلى زيارة دمشق وقال إنه سيذهب وسيجري لقاءات مع الحكومة السورية.

وفي الإطار ذاته، يتم توظيف موضوع زيارات العيد التي تمنحها الحكومة التركية للاجئين السوريين الموجودين على أراضيها للدخول إلى سوريا من المعابر التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية، يقوم مغردون بالنظر إلى هذه الزيارات على أنها دليل على أن سوريا آمنة ولا داعي لوجود السوريين في تركيا.

وقد كان لهذا محور 16 تغريدة، من بينها تغريدات للصحافي التركي إسماعيل سايمز:

اكثر شيء مضحك في الدنيا هو وجود لاجئين أو مهاجرين يذهبون يمضون عطلة العيد ببلدهم ويعودون.

كما غرد الأكاديمي والكاتب التركي، جيم ساي في السياق نفسه:

السوريون الذين في بلدنا وتحت الحماية الموقتة فضلوا في هذا العيد أن يمضوا إجازتهم في سوريا.

خصصت 91 تغريدة للحديث عن الوضع الاقتصادي ومقارنته بوجود اللاجئين على الأراضي التركية، ولطالما كان التراجع الاقتصادي مقروناً بمزاحمة اللاجئين للأتراك في فرص العمل والحصول على الفرص والرواتب وغيرها من الامتيازات، وقد استخدم المغردون تعابير مثل: “أنفقنا عليهم 40 ملياراً”، “يأخذون فرص عملنا”، “يعيشون حياة أفضل من المواطنين”.

وغرد في هذا السياق، رئيس “الحزب الجيّد” اليميني، ميرال أكشينار:

هل كان من حقكم أن تنفقوا على النازحين السوريين 33 مليار دولار أي ما يعادل 200 مليار ليرة وأن تحملوا كل هذه التكاليف للشعب التركي؟ وعلى رغم أنه ليس حقكم لكنكم فعلتموها ولكن عندما يكون الإنفاق على شعبنا تقولون أن هذا حمل كبير“.

وغرد الكاتب الاقتصادي اوغور غورسيس عن موضوع إنفاق الدولة على السوريين:

يقول رجب طيب أردوغان: المال الذي ننفقه على السوريين لا يؤثر أبداً في خزينة الدولة. لقد قمنا بتنفيذ جميع هذه النفقات مع صيغ تعادل الدخل والمصروفات”غريب: انفقنا 30 مليار على السوريين ولكن يقول لا تؤثر في الخزينة!! هل نحن نطبع دولارات؟“.

أيضا غرّد رئيس “حزب السعادة الإسلامي”، تمل كرم أولا أوغلو:

النتيجة أمامنا: نحن كنا سنصلي في جامع الأموي في دمشق. واليوم 3 ملايين ونصف المليون سوري يصلون في تركيا”.

في المقابل، وفي أواخر حزيران/ يونيو من العام الجاري، نشرت RT العربية على موقعها الإلكتروني، تقريراً يشير إلى تقديم منحة جديدة من الاتحاد الأوروبي، تُقدر بـ3.5 مليار دولار، لتركيا لدعم استقبال اللاجئين السوريين. وقد أشار التقرير إلى أن هذه المنحة جاءت بعد منحة سابقة بلغت 6 مليارات يورو للغرض ذاته.

اللاجئ في ميزان الانتخابات

تركّز موضوع ما يقارب الـ200 تغريدة من التغريدات المتعلقة بالموضوع السوري بشكل سلبي أو ايجابي بين عامي 2011 و2020 في فترة الانتخابات، أي بنسبة 20.2 في المئة من مجموع التغريدات التي شملها التحقيق، وقد تنوّع التعاطي مع موضوع اللاجئين وتسييسه من حزب إلى آخر.

بعض الأحزاب تعاطى مع وجود اللاجئين على الأراضي التركية على أنه موضوع أمن قومي ويهدد وجود الأتراك، وهذه الأحزاب هي غالباً في الجهة اليمينية القومية.

على سبيل المثال رئيسة “الحزب الجيّد” ميرال اكشينار غردت بالقول:

“خذوا تعهداً من دمشق بأن تعيد كل شهر 100 ألف لاجئ. ضعوا ثقل تركيا على الطاولة. اذا اردتم استخدموا اللسان الجميل. او الحيل. أو حتى الحلول العسكرية. لا شيء اخطر على تركيا من أن نفقد الاغلبية في مدننا”.

بينما “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، والمدافع التقليدي عن السوريين، حاول في فترة الانتخابات الأخيرة إظهار قوة تحكّمه بالموضوع، والإيحاء بأنه هو الوحيد القادر على حلّ المشكلة.

ونرى هذا واضحاً  في كلام مرشح الحزب عن بلدية اسطنبول ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدرم في إحدى تغريداته.

السوريون في اسطنبول بشكلون مشكلة و يهددون أمن اسطنبول. لن نسكت عن هذا وسنعيد الوضع الى طبيعته. ولن نتسامح أبداً بهذا الأمر لأن المهم بالنسبة لنا هو راحة أهل اسطنبول”.

وغرّدت النائبة ليلى شاهين اوسطا، بالقول:

رئيس الجمهورية: اعدنا الى الان 330 ألف سوري إلى بلدهم. وسيرتفع هذا الرقم للملايين عندما نحل مشكلة منبج و شرق الفرات.

نسبة تغريدات السياسيين السلبية تجاه اللاجئين:

“حزب العمال” 1.57 %

“حزب السعادة” 0.22%

“حزب الوطن” 7.19%

“الحزب الديموقراطي اليساري” 0.2%

“حزب الوحدة الكبير” 0.2%

“حزب تركيا المستقل” 1.79%

“حزب الحركة القومية” 0.67 %

سنان اوغان (شخصية مستقلة)  59.77 %

“الحزب الجيد” 10.78 %

“حزب الشعب الجمهوري” 10.78 %

“حزب الشعوب الديموقراطي” 0.67 %

“حزب العدالة والتنمية” 6.06 %

وبعد النظر إلى تتابع هذه الروايات يمكن أن نُلاحظ أنّه على رغم أن الأمر لم يمكن منظّماً، فإن النتيجة كانت استسهال استهداف اللاجئين وتعميم أوصاف سيئة عليهم، وتشويه سبب وجودهم، بحيث أصبحوا غير قادرين على الدفاع عن سبب وجودهم في تركيا.

اللاجئون بشر ومثلنا…

في المقابل توضح التغريدات المتبقية في الجانب الآخر أن 506 تغريدات من مجموع التغريدات الكلي وهو 990 تغريدة، أي ما نسبته 51.11 في المئة كانت داعمة للاجئين.

289 تغريدة من التغريدات المؤيدة للاجئين كانت دفاعاً إنسانياً عنهم، أي أنه تم استعطاف الناس وتذكيرهم بأنهم بشر ويموتون ويغرقون في البحار.

كما غرد رئيس “حزب الشعوب الديموقراطي”، صلاح الدين ديميرتاش:

“قتل في السويد 500 مدني، يصح أن يكون عنواناً لنوقف الدماء لأن الأمر عندما يصبح في سوريا أو مصر أو تونس أو روجافا فإن الضمائر تتوقف“.

وغرد الممثل التركي، غينجو اركال:

بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين. نقول لكم اننا نشارككم ألمكم وصراعكم من أجل البقاء”. 

من جانب آخر، كانت هناك 90 تغريدة تهاجم العنصرية، وتنتقد ما يحصل ضد السوريين بشكل مباشر، ومنها ما غرد به الكاتب والباحث، مفيد يوكسل بالقول:

بعض الجماعات النخبوية/ العلمانية المتطرفة، المناهضة للدين، والتي تدعي بأنها باسم كمالية/ اتاتوركية، تظهر كراهية وعداء ضد السوريين”.

فيما غرد البروفيسور والمؤلف التركي  اديب يوكسل قائلاً:

اينما انتشر فيروس الدين والعنصرية، يتحول المكان  إلى جحيم”.

وكذلك أعادت سمية إرتكين، الصحافية والباحثة تغريد:

هناك مرضى يقولون عن السوري الذي يحارب إرهابياً والخارج من سوريا، إنه جبان و العامل يستغل الفرص و الجالس في المنزل تنبل!“.

الأكثر دفاعاً عن السوريين

أظهرت نتائج التحقيق وتحليل البيانات المستقاة من “تويتر” أنّ أكثر من نصف التغريدات المؤيدة للاجئين للسوريين خطّت بيد النساء.

كما أنّ أكثر شخصية غرّدت مع اللاجئين السوريين كانت الصحافية والناشطة سمية إرتكين التي غردت بين عامي 2014 و2020 بنحو 112 تغريدة تؤيّد اللاجئين السوريين وتدافع عنهم.

تنوّعت تغريداتها بين الدفاع والتعاطف مع السوريين من جهة، وبين مهاجمة العنصريين من جهة أخرى.

تقول في إحدى التغريدات التي أعادت نشرها:

أول شيء يقومون به بعد تسلمهم البلديات هو اتخاذ تدابير ضد إخواننا اللاجئين السوريين وتحريك العنصرية ضدهم. ما هذه البداية الجميلة!!! الله يعطيكم العقل”.

خبر مؤلم في 2015 ولد 66 ألف سوري في تركيا و لكننا لا نستطيع تعليمهم”. 

وعن  سبب الخطاب المعادي الموجه للاجئين السوريين، في حين هي فضّلت أن تكون في الجانب الآخر، قالت إرتكين: “بسبب الأزمة الاقتصادية في تركيا ازدادت العنصرية ضد اللاجئين. يحمّلهم الناس مشكلة البطالة والغلاء. وبدأ الشعب بالخوف من السوريين بعد هذه السنوات الطويلة والسبب هو أن الشعب التركي استقبل اللاجئين السوريين على أنهم ضيوف بشكل موقت، ولكن بسبب استمرار الحرب كل هذه الفترة الطويلة، وازدياد عدد اللاجئين، بدأ الشعب بالقلق من بقائهم”.

رابط التاريخ والدين

في إطار الدفاع عن السوريين، رصدنا 25 تغريدة تدافع عن وجودهم في سرديتين قومية وتاريخية دينية.

السردية القومية، تقوم على أن معظم السوريين الوافدين إلى تركيا جاءوا من المناطق الشمالية في سوريا، ويعتبرون هذه المناطق جزءاً من الدولة التركية الحديثة بحسب الميثاق الوطني التركي.

خريطة الميثاق الوطني. (المصدر: antlasmalar.com)

 

“أغلب السوريين الذي أتوا الينا هم من الاراضي التي كانت ضمن الميثاق الوطني لتركيا”.

أما السردية الثانية فهي تاريخية- دينية تنسب السوريين إلى العثمانيين، وتقول إنهم هم وسوريا جزء من الدولة العثمانية، كما غرد رئيس رئيس بلدية اغري سافجي سايان:

نحن الاخ الاكبر للشرق الاوسط وعند وقوع أي مشكلة الكل يلجأ الى أخيه الكبير. وعشنا مع بعض 500 عام تحت الإدارة العثمانية والسلجوقية والايوبية. لذلك بالنسبة إلينا السوريون أهم لدينا من الأميركي القادم من بلد يبعد منا 10 آلاف كيلو متر او الروسي القادم من بلد يبعد 5 آلاف كيلو متر.

وزير الداخلية سليمان صويلو، زار شمال سوريا مرات عدة، لا سيما مناطق عفرين والباب وادلب في عامي 2020 و 2021. وبهذا يكون أول وزير تركي يزور الأراضي السورية منذ عام 2011، وحول محاولات الربط القومي التي تستخدمها بعض الأحزاب التركية ومنها العدالة والتنمية الحاكم، يشير الباحث السياسي في جامعة كوتش التركية نزيه اونور كور، إلى أنّ موقف “العدالة والتنمية” في موضوع المهاجرين لم يكن ناجحاً في عيون الشعب التركي بقدر موقفه من المسألة السورية.

ومع مرور السنوات فقدت عبارة “الضيف” التي كانت مستخدمة لتوصيف السوريين الآتين إلى تركيا تأثيرها على الشارع التركي كما يقول.

وبيّن أنه نتيجة الأزمات الاقتصادية والتوترات السياسية تحوّل السوريون الى كبش فداء، وزادت حوادث الاعتداء عليهم، ولأجل تخطي هذه الأحداث حاولوا إنشاء رابط ديني وقومي عبر التاريخ العثماني بين الأتراك والسوريين.

وفق الباحث، “لم يستطع هذا الخطاب جذب شرائح كبيرة من المجتمع التركي، باستثناء ناخبي “حزب العدالة والتنمية” المتدينين والمؤمنين بمفهوم الأممية، لأنه في أصل مفهوم الهوية التركية ينظر للدول العربية على أنها الطرف الآخر وليست جزءاً من الأمة”.

“وقد تصاعد استخدام هذا المفهوم ومعادلة الربط هذه بين الأتراك والسوريين مع ازدياد تكلفة التدخل في سوريا، وبداً الحزب بالتذكير بأحداث تاريخية مشتركة مثل معركة تشنق قلعة”.

اليوم ومع استمرار وجود اللاجئين السوريين في تركيا وعدم توفر أفق لحل الصراع في سوريا، يستمر اللاجئ السوري بالتأثر بالوضع السياسي الداخلي التركي المتداخل والخاضع لتجاذبات الأحزاب والسياسيين والنخب الاجتماعية والاقتصادية.

ويزداد الوضع صعوبة مع عدم وجود قوانين واضحة تقيّد العنصرية، ما يجعل من اللاجئين الذين هم الحلقة الأضعف في المجتمعات مكسر عصا.

 


أنجز هذا التحقيق بإشراف الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – “سراج”، نشر على موقع درج.

تحرير: محمد بسيكي

بحث ومراجعة: علي الابراهيم – أحمد حاج حمدو

إعداد: عمّار الخصاونة


 


اترك تعليقًا

التسجيل غير مطلوب



بقيامك بالتعليق فإنك تقبل سياسة الخصوصية

لا يوجد تعليقات