بعد تخلّي ملاكها عنها…
في 16 كانون الثاني/ يناير 2022، احتجزت السلطات الليبية الناقلة، ومنعت طاقمها المؤلّف من 11 بحاراً من النزول إلى أرصفة ميناء مصراتة، بعد اعتبار السلطات أن حمولة السكر القادمة من تركيا، “غير صالحة للاستهلاك البشري”. وبقوا عالقين على متنها.
“عندما رست سفينتنا في ميناء مصراتة، فتّشت السلطات الليبية شحنة السكر التي كانت في حوزتنا. وأثناء التفتيش، أفاد المفتشون بأن السكر قد تلف (غير صالح للاستهلاك البشري)، و أصدروا أمراً باحتجازها”، يقول الشيخة لفريق التحقيق.
الباخرة “إيست إكسبرس” هي سفينة شحن، صُنعت في ثمانينات القرن الماضي، وتحديداً في عام 1983، يبلغ طولها 97 متراً، وهي قادرة على حمل أكثر من 5,7 ألف طنٍ من البضائع والوقود والحصى.
الباخرة مسجّلة في توغو في غرب أفريقيا، وتعود ملكيتها الى شركة “مينا شيبينغ”، وتديرها شركة “يونايتد مارين كو إس.آر.إل”، وكلتاهما مسجلتان في رومانيا، بحسب البيانات المتاحة على موقعي Marine Traffic و EQUASIS.
مع نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء عن الباخرة، أصبح العيش على متنها أمراً لا يطاق. حاول عمار وأفراد الطاقم الذين بدأوا العمل على متنها في عام 2022، في إيجاد حل. فكروا بالتواصل مع إدارتها، وعلى اعتبار أنهم لا يعرفون بالضبط من هي الشركة المالكة للباخرة، ازداد وضعهم سوءاً. شعر الطاقم بأنه تم “التخلّي” عنهم، وهنا بدأت رحلتهم مع معاناة لم يكونوا يحسبون لها حساباً.
“تخلّت عنّا الشركة كلياً. ليس لدينا طعام، ولا ماء، ولا رواتب!” يقول الشيخة احد البحّارة السوريون المحاصرون، في تسجيل مصوّر أرسله الى فريق التحقيق في أيلول/سبتمبر 2023.
وأضاف، “بالنسبة إلي، ‘التخلي’ يعني أن نكون بحاجة إلى الطعام والمشروبات والضروريات اليومية، بسبب عدم القدرة على الحصول عليها من مديري السفينة ومالكيها”.
لم يتلقَّ طاقم الباخرة المؤلف من عشرة بحارة سوريين وواحد يحمل الجنسية المصرية، أياًّ من مستحقاته منذ كانون الثاني 2023، إذ يعتقد معظمهم أن البقاء على متن السفينة هو السبيل الوحيد للحصول على أموالهم.
لائحة بأسماء أفراد طاقم إيست إكسبرس – المصدر: طاقم السفينة.
في أيلول الماضي، أرسل الشيخة مجموعة فيديوات وصور توضح الحالة التي وصلوا إليها على متن السفينة: الكهرباء مقطوعة، نقص حاد في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية الكافية، الرفوف والبرادات فارغة، والتي كانت كافية لتزويد مجموعة أشخاص بالمؤونة اللازمة، وأصبحوا ممنوعين من النزول من على متن السفينة.
على مدار ستة أشهر، حاول فريق من الصحافيين الاستقصائيين من الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – سراج، بالتعاون مع (مراقبون فرانس 24)، الكشف عن المزيد من حالات السفن المهجورة في البحر، والتي يعمل عليها بحارة وفنيون سوريون آلت بهم الظروف الى العيش مهجورين على متن سفنٍ متروكة على أرصفة الموانئ من دون طعام أو شراب أو أجور.
مصير أفراد طاقم “إيست إكسبريس” ما هو إلا واحد من 1267 حالة مشابهة لبحارة، منهم سوريون، تم التخلي عنهم على أرصفة موانئ بعيدةٍ عن أوطانهم أو في عرض البحر خلال عام 2023. كما بلغ العدد الإجمالي للسفن المهجورة في الفترة ذاتها، 81 سفينة بحسب منظمة Rightship المعنية بشؤون البحارة.
عندما تواصلنا للمرة الأولى مع طاقم سفينة “إيست إكسبريس”، كان جميعُ أفراد الطاقم يجهلون هوية المالك الحقيقي للناقلة.
في الجزء الأول من تحقيقنا هذا، نكشف عن وسائل ملتوية تلجأ إليها مجموعة من أصحاب البواخر والناقلات بهدف تجنب النزاعات القانونية والعقوبات الغربية. من بحر العرب إلى البحر الأسود، مروراً بالمتوسط. ويعتمد ملاك هذه السفن على نكشف عن شبكات معقدة من الشركات الوهمية المسجلة في بلدان ما وراء البحار، تتيح للسفن لهم مواصلة أنشطةتهم في النقل البحري وتجنب جميع أنواع المساءلة القانونية، إذ يكفي أن تكون لديك شركة واحدة مسجّلة تخوّل صاحبها إدارة سفينة.
كما توصل فريق التحقيق إلى منهجيات يتبعها الملاك لدعم قراراتهم بالتخلي عن السفن، بعد تحليل الصحافيين عشرات الوثائق المتعلقة بتسجيل الشركات والسفن، واستخدام بياناتٍ مفتوحة المصدر لتتبع التاريخ الملاحي للسفن المهجورة، وكيف أن التخلي يكون الحل الأنسب لتفادي الأثر الأكبر في ما بعد مرحلة حجز السفينة من السلطات إن كانت مخالفة.
يقول أحد البحارة: “نمضي معظم أوقاتنا بالنوم أو على هواتفنا المحمولة. هذا هو المتنفس الوحيد للأسف. نتكلم مع أهالينا ومع أصدقائنا حتى ينقضي يومنا. أما باقي الوقت، فإننا نمضيه بالشكوى والحزن الشديد عما آلت إليه أوضاعنا”.
ويضيف، أنّ الشركة التي يعتقد أنها مملوكة لأشخاص عدة مَدينةٌ له بنحو 17 ألف دولارٍ أميركي.
ما هو هجر السفن والتخلّي عنها؟
يتعين على أصحاب السفن تأمين الطعام والشراب والمستحقات والطبابة لجميع أفراد الطاقم العامل على السفينة، وذلك بحسب بنود اتفاقية النقل البحري الدولية 2006، أو ما يعرف بـ “ميثاق حقوق البحارة”.
وأدخلت تعديلات قانونية عدة على بنود هذه الاتفاقية بهدف معالجة ظاهرة “التخلي” التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً منذ جائحة كوفيد 19. وتُظهر بيانات منظمة العمل الدولية ارتفاعاً ملحوظاً في حالات التخلّي عن طواقم السفن المُبلغ عنها حول العالم، فبعدما كان عدد الطواقم المُتخلَّى عنهم سنوياً يبلغ أقل من 20 حالة سنوياً بين عامي 2011 و2016، ارتفع هذا الرقم إلى 40 حالة في عام 2019، و85 في عام 2020، و95 في عام 2021.
وتجبر الاتفاقية الدول الموقعة عليها على احترام حقوق عمال البحر وإعادتهم إلى أوطانهم إذا ما واجهت السفينة عواقب قانونية تمنعهم من استكمال أعمالهم. وتحدد الاتفاقية ساعات العمل والراحة، ودفع الأجور، وعقود التوظيف، والإجازة السنوية، إضافةً إلى الرعاية الطبية على متن السفينة.
إيان رالبي، خبير في القانون البحري الدولي في مجلس الأطلسي، يشير لفريق التحقيق، إلى أن “التخلي” هو أن يتنازل مالك السفينة رسمياً عن مسؤولياته تجاه السفينة وطاقمها. ويعني هذا أن المالك تخلى عن مسؤولياته المتعلقة بتأمين الاحتياجات الأساسية مثل الوقود والطعام والماء”. وهذا ما واجهه عمار وأفراد طاقم الناقلة فعلياً.
يضيف رالبي، أنه عندما يواجه أصحاب السفن نزاعات قانونية، غالباً ما يكون “التخلي” عن السفينة والحمولة وطاقمها، أرخص خياراتهم وأسهلها”.
يقول أحد أفراد الطاقم: “نعيش بفضل الاستدانة. لكي نؤمن مصاريفنا وحاجتنا من الأموال، نعتمد على الأصدقاء والمعارف”، وذلك في إشارة منه الى عدم استلامه مستحقاته المالية.
تعليمات للطاقم وأفراد السفينة بعدم النزول من على متن السفينة – المصدر: طاقم السفينة.
سفينة من دون كهرباء وطعام وماء!
مع غياب أية معلومة عن المالك وهويته، أصدرت السلطات الليبية تعليمات منعت بموجبها الطاقم من النزول على أرصفة الميناء حتى تتمكن هذه السلطات من معرفة هوية الشخص المسؤول عن الناقلة.
تمكن فريق التحقيق من تحديد المكان الذي ترسو فيه السفينة في مصراتة الليبية، وذلك من خلال فحص وتحليل اللقطات الحصرية التي قدمها الكابتن عمار إلى فريق التحقيق، إذ تمكّنا من تحديد الموقع الجغرافي للناقلة East Express، والذي يمكن رؤيته على موقع Google Earth Pro بعد مطابقة السفينة بأبعادها التقريبية.
تحديد موقع سفينة ايست إكسبرس EAST EXPRESS ترسو في ميناء مصراتة/ ليبيا.
من يملك إيست إكسبرس؟
أخبر أحد أفراد الطاقم فريق التحقيق، أن الناقلة تتبع لشركة اسمها “مينا شيبينغ” التي يملكها رجل الأعمال السوري سمير فحل، والذي ينحدر من مدينة طرطوس الساحلية، حسب قوله.
تتقاطع المعلومات التي أوردها أحد أفراد الطاقم مع المعلومات المدوّنة في بنود عقود العمل الموقعة بين أفراد الطاقم والشركة المالكة للسفينة، إذ تبين هذه الأخيرة أن شركة ” MINA SHIPPING LTD مينا شيبينغ” كانت الشركة المالكة لـ “إيست إكسبريس” عندما احتُجزت.
تواصل فريق التحقيق عبر الهاتف مع الرقم المدوّن في تسجيل الشركة في رومانيا، وقالت لنا سيدة ردت على الاتصال “إن شركة مينا شيبينغ هي شركة ‘أوف شور’ وأن المالك قد توفي لا أعرف… قبل سنتين أو ثلاث، على ما أعتقد”، أضافت قبل أن تغلق سماعة الهاتف وتقطع الاتصال.
صفحة سمير فحل على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تشير إلى أنه كان يعمل في مجال “نقل البضائع” في مدينة كونستانزا الرومانية.
منشورات عائلية على صفحة فحل على “فيسبوك”، تؤكد أنه توفي ولكن في شباط/ فبراير 2023.
نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي يميزه بمشاركاته المنتظمة لصور السفن التي يبدو أنها مثار اهتمامه وتلفت انتباهه، إحدى هذه الصور من العام 2016 لفتت انتباهنا بشكل خاص، وهي صورة لسفينة “نادالينا” في كونستانزا – رومانيا وصورة أخرى للسفينة نفسها في العام 2019 من ميناء الإسكندرية المصري.
قادتنا عملية البحث عن السفينة وتسجيلها باستخدام الرقم المعرّف الخاص – IMO – للسفينة “نادالينا”، عن أنها هي نفسها “إيست إكسبريس”، على اعتبار أن هذا الرقم لا يتغير حتى لو تم تغيير اسم الناقلة.
أظهرت نتائج البحث أيضاً، أن سفينة “إيست إكسبريس” وعلى مدار تاريخها المهني الممتد منذ أربعين عاماً، قد غيرت اسمها أكثر من 8 مراتٍ، 3 منها في السنوات الأربع الأخيرة فقط.
وعلى اعتبار أن تغيير اسم السفن ومكان التسجيل والإدارات هو أمر رائج في صناعة الشحن البحري، دفعنا هذا الى المزيد من الاستقصاء عن تاريخها قبل التخلي عنها في 2022، ولمعرفة أنماط تغيير الأسماء وأماكن التسجيل كواحدة من طرق لتغيير منهجيات العمل لدى السفن وملاكها وشركات إدارتها..
الإفلات من العقوبات
يتعين على السفن والناقلات على اختلاف أنواعها، مشاركة إحداثيات موقعها (Location)، عبر تطبيق AIS (نظام تحديد الهوية الآلي) لأغراض السلامة، وتستخدم مواقع عامة قابلة للوصول مثل مارين ترافيك (MarineTraffic) للمعلومات عن السفن، تلك الإشارات لتحديد مواقعها في البحار.
اعتمد فريق التحقيق على 2920 موقعاً Location أرسلته إيست إكسبريس، “نادالينا” سابقاً الى موقع مارين ترافيك، على مدى ثمانية أعوام (365 × 8 = 2920) – لتتبع حركاتها بين عامي 2016 و 2023.
استُخدمت هذه البيانات، والتي تُفصّل حركة السفينة يومياً لتتبع مسارها ونشاطها، إذ أظهرت البيانات حركة إيست إكسبريس، وأنها أجرت رحلات منتظمة عبر البحر الأبيض المتوسط والأسود إلى تركيا وتونس وليبيا وميناء طرطوس السوري، وإلى ميناء كونستانزا في رومانيا ذهاباً وإياباً، وإلى موانئ شبه جزيرة القرم المغلقة.
وتم تعطيل تتبع نظام التعرف التلقائي على الهوية (AIS) بشكل متكرر حتى تم التخلي عنها.
ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها عام 2014، في خطوة اعتبرتها أوكرانيا احتلالاً غير قانوني. تلاهُ فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات تحظر على بواخر النقل الدولية الرسو في موانئ القرم.
للوهلة الأولى، كان من الصعب العثور على المالك الحقيقي للسفينة، لأن شركات الـ Shell Company هدفها تسجيل السفينة على اسم الشركة، من دون أي نشاطات محدّدة أو عنوان حقيقي.
كاترينا ياريسكو، وهي محققة رقمية تعمل لصالح مشروع Sea Krime التابع لموقع “ميروت فوريتس”، عملت مطولاً على أنشطة سفينة “نادالينا”، وأنها وزملاءها حصلوا على صورٍ الباخرة وهي ترسو في موانئ القرم المغلقة، حيث تم تحميلها بشحنات من المعدن الخردة أو الحبوب.
قالت ياريسكو لفريق التحقيق، إن “سفينة (نادالينا) مملوكة لرجال أعمال رومانيين من أصل سوري، وانتهكت القيود المفروضة على السفن الأوروبية مع مجموعة من السفن الأخرى التي تعود ملكيتها جميعاً إلى شركة “بيا شيبينغ/ Bia Shipping Co” بحسب قولها.
ايضاً، بحسب black sea news الاستقصائي المستقل في أوكرانيا، كانت السفينة “نادالينا” جزءًا من مجموعة من السفن التي تديرها شركة Bia Shipping Co.
كانت الحكومة الرومانية على علم بنشاط السفينة نادالينا، إذ أخبرت وزارة الخارجية الرومانية في معرض ردّها فريق التحقيق، أنها حققت في زيارات سفينة “نادالينا” المتكررة إلى القرم، لكنه لم تكن هناك أدلة كافية تثبت خرق العقوبات. في المقابل، “وجهوا تحذيراً لمشغلي السفينة من مخاطر خرق العقوبات”.
من يقف وراء شركة بيا شيبينغ؟
أحد السجلات الدولية لتسجيل السفن الصادرة عن موقع Sea Web للتغطية الملاحية العام 2015، والتي حصل عليها فريق التحقيق، أظهر ارتباط شركة “بيا شيبينغ” من خلال معلومات جهات الاتصال المنشورة في موقع على الإنترنت تحت العنوان joharshipping.ro، كما تبين أن هذه الشركة “بيا شيبينغ” كانت تعمل وتدير انشطة بانتظام مع شركات شريكة تُدعى “جوهر آند كو مارين”، و”جوهر غروب”، و”جوهار ريما مارين”.
على اعتبار أن موقع joharshipping.ro لم يعد متاحاً على الإنترنت، تمكنا من استعادة نسخٍ قديمة من أرشيف الويب عبر استخدام أداة الأرشفة “وي باك ماشين”، تبين أيضاً أن شركة johar Shipping – جوهر شيبينغ تملك خمس سفن من تلك التي نفسها تشغلها شركة “بيا شيبينغ”، مثل سفينة “جيورجيانا إتش”، “رانيا H”، “جوهار H”، “أندا”، و “عدنان H”.
أظهر الأرشيف اسم رجل يدعى عدنان حسن، تم تقديمه على أنه المدير الإداري، وشخصاً آخر يدعى جوهر حسن، كمسؤول عن العمليات العامة.
لاحقاً، تنازل كلٌ من عدنان حسن وجوهر حسن عن حصتيهما في شركة “جوهر شيبينغ” في عام 2020، بحسب معلومات ووثائق حصل عليها الفريق في رومانيا.
تظهر صفحات على “فيسبوك” عدنان حسن، وهو على متن يخت طوله 18 متراً ويتناول الطعام ويصطاد الأسماك مع جوهر حسن، إضافة إلى صور له في “فيسبوك” مع سمير فحل، والذي أخبرنا طاقم سفينة إيست إكسبرس أنّه يملك السفينة عبر شركة “مينا شيبينغ”.
في معرض بحثنا خلال العمل على هذا التحقيق للحصول على إجابات من ملاك السفن، حاولنا التواصل عبر الهاتف مع الأشخاص الثلاثة وشركاتهم، مستخدمين جميع جهات الاتصال وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي عثرنا عليها.
أحد أفراد عائلة سمير فحل، أخبر فريق التحقيق، أن العائلة ما زالت مسؤولة عن “إيست إكسبريس” بعد وفاته – كما وعد بإجراء مقابلة معنا – لكنه لم يعاود الاتصال إطلاقاً.
في مقابلة مع معد التحقيق، أكد عدنان حسن أن رجل الأعمال المتوفي سمير فحل هو مالك سفينة “إيست إكسبرس”، وأنه كان وكيلاً (Agent) فقط للسفينة عندما كان اسمها نادالينا، ولم يكن يعلم أن موانئ القرم تخضع للعقوبات.
ونوه إلى أنه وبعيد وفاة الأخير، وافق على مساعدة العائلة كصديق، وقال: “أردت مساعدة العائلة. أن أساعدهم لإطلاق سراح الباخرة. لكنني وجدت أن عليها ديوناً أكثر من حقها (سعرها)”.
“لقد أخبرت الطاقم أنني سأدفع مستحقاتكم كمساعدة فقط إذا غادرت السفينة الميناء”، أضاف حسن.
من يساعد البحارة؟
بينما يتلاشى الأمل وتتراكم المصاعب أمام البحارة المتروكين، يتسارع تدهور أوضاعهم على متن السفن المتهالكة، ما يتركهم في مأزق يهدد بغرق سفنهم وهدر أموالهم وأرواحهم.
يقول البحار عمار: “أفراد الطاقم لم يتلقوا رواتبهم منذ 12 شهراً (آخر راتب في كانون الثاني 2023)، ويعتقدون أن البقاء على متن السفينة هو السبيل الوحيد للحصول على أموالهم”.
بعدما اتصل الفريق باتحاد البحارة الدولي ITF للاستفسار عن مصير هؤلاء البحارة، أخبرنا الشيخة في اليوم التالي، أن الاتحاد وافق على إرسال بعض الأموال له لشراء تذاكر طيران للعودة إلى سوريا.
“سبحان الله عندي غصة في القلب. بعد عناء سنتين، أعود لأهلي، وعائلتي وأولادي ومن دون أي مرتب”، يقول الشيخة في رسالة مسجلة أرسلها لنا من المطار وهو يهم بركوب الطائرة.
فيما تخلّى عمار عن كل حقوقه عائداً إلى وطنه وأسرته، لا يزال سبعة من زملائه متروكين على متن السفينة ينتظرون حلاً وتدخلاً لإعادتهم إلى أوطانهم.
———————–
نُشر هذا التحقيق بالتعاون بين الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – سراج، وبرنامج مراقبون (قناة فرانس 24)، باللغات الإنكليزية والفرنسية، ونشرت النسخة العربية على موقع “درج” و”سراج”.