بعد تحقيق “حرب الخردة”.. لبنان يَمنع دخول حديد الخردة من سوريا
سراج – دمشق:
بعد مُضي شهر ونصف على نشر الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية -سراج تحقيقاً بعنوان “حرب الخردة”، أقر مجلس الوزراء اللبناني في جلسته المنعقدة بتاريخ 12 كانون الاول/ ديسمبر الجاري، قراراً منع بموجبه دخول الخردة من سوريا إلى الأراضي اللبنانية، ومن ثم تصديرها إلى خارج البلاد عبر المرافئ اللبنانية.
القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في هذه الجلسة، جاء بناء على طلب مقدم من وزارة المالية.
وكان التحقيق الاستقصائي الذي نشر بتاريخ 30 تشرين/ الأول الماضي، بالتعاون مع صحيفة The New Arab و جريدة إيل بايس الاسبانية، كشف عن سلسلة سرّية لتوريد حديد الخردة والمعادن من سوريا إلى لبنان خلال سنوات الثورة عبر أمراء حرب وتجار ورجال أعمال يخضعون لعقوبات دولية، عملوا مع الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الاسد قبل فراره الى روسيا، وكانت تدار بشكل مباشر من قبل أمانة القصر الرئاسي.
التحقيق الذي بني على ما أظهرته صور ووثائق من حواجز الفرقة الرابعة على الطريق الدولية بين دمشق وبيروت، وصور الأقمار الصناعية لحركة السفن بين الموانئ اللبنانية وتركيا، وكذلك أرقام الأمم المتحدة للتجارة البينية، يظهر حجم مساهمة سوريا في هذه التجارة المربحة عبر لبنان.
على مدار تسعة أشهر من العمل على التحقيق الاستقصائي الدولي، تتبع الصحفيون أبرز مسارات الخردة من سوريا من خلال صور الأقمار الصناعية، و بالاعتماد على مواقع تتبع السفن والبيانات المفتوحة المصدر التي تتيحها خدمات النقل البحري، ومنافذ البيانات التجارية العالمية. واطلعنا على وثائق حصرية، إضافة إلى إجراء مقابلات مع خبراء وتجار وسماسرة ومسؤولين حكوميين.
وخلال العمل على التحقيق، اطلع الفريق على بعض الطرق الرئيسية لتدفق الخردة إلى تركيا، والتي تتخذ في الغالب طريقاً غير مباشرة. إذ تصل إلى لبنان عبر طريق بيروت – دمشق، في شاحنات محملة للتصدير، لتصل الخردة في النهاية إلى ساحات الشركات التركية الخاصة، حيث يتم خلطها مع مثيلاتها من مصادر مختلفة.
يبلغ حجم تجارة الخردة المعدنية الدولية نحو 40 مليار يورو سنويًا، أي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السنوي (GDP) لسوريا قبل العام 2011 (16 مليار دولار سنوياً).
وبعد سقوط نظام الأسد، وفي 13 أيار/مايو 2025، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة القرار 354 المتضمن منع تصدير خردة وسبائك المعادن بكل أنواعها، وذلك نظرًا لأهميتها البالغة لإعادة إعمار البلاد.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أصدرت الوزارة قراراً جديدًا يقضي بمنع حيازة وتداول الخردة (السكراب) التي تعود ملكيتها إلى الجهات الحكومية، سواءً كانت مدنية أو عسكرية، وكذلك جميع مؤسسات الدولة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فإنه منذ عام 2013، استوردت تركيا أكثر من 2.1 مليون طن من الخردة من لبنان.
وكشف التحقيق عن مساهمة لبنان في حجم توريدات الخردة لصالح تركيا، حيث كان لبنان مصدرًا ثابتًا، وقد تم تهريب جزء منها من المناطق السورية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، ثم أُعيد تصديرها إلى تركيا.
الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية (سراج) هي مؤسسة مستقلة رائدة في نشر ثقافة الاستقصاء الصحفي في سوريا، وعضو في كل من الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية (GIJN) ومنظمة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP). تأسست “سراج” في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وتعمل على تدريب الصحفيين السوريين، وإنتاج تحقيقات معمّقة تكشف الفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتحايل على العقوبات الدولية، سواء داخل سوريا أو في مناطق الشتات.