الجزيرة السورية… أحوال النساء إذ يحكمها قانونان وسلطتان
تعد الجزيرة السورية منطقة تشهد تعقيدات قانونية تؤثر بشكل كبير على حياة النساء، حيث يتعين عليهن التعامل مع نظامين متنافسين فيما يتعلق بالأحوال المدنية. يعتبر النظام السوري والإدارة الذاتية الكردية اللتان تتشاركان السيطرة على هذه المنطقة من أبرز السلطات التي يجب على النساء التفاعل معها.
تتجلى التحديات التي تواجه النساء في هذه المنطقة في الحصول على المعاملات الرسمية، فالنظام السوري يفرض سيطرته على بعض المناطق بينما تسيطر الإدارة الذاتية على أخرى، وهذا الانقسام يخلق عراقيل أمام النساء للحصول على وثائقهن وتنفيذ معاملاتهن بسهولة. على سبيل المثال، فيما يتعلق بمعاملات الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق، يجدن أنفسهن محاصرات بين النظامين، حيث قد تتطلب إجراءات الزواج أو الطلاق المعترف بها من الطرفين الموافقة من السلطة المحلية وفقًا للنظام الذي يسيطر على المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه النساء صعوبات فيما يتعلق بالإرث وتسجيل المواليد، حيث تتضاعف التحديات في تحديد الحقوق الشرعية والقانونية للأفراد بسبب الصراع بين السلطتين. ينعكس هذا الوضع المعقد على حياة النساء ويزيد من حملهن النفسي والاجتماعي، حيث يجدن أنفسهن مضطرات إلى الانتظار طويلاً ومواجهة البيروقراطية المعقدة من أجل إنهاء معاملاتهن الشخصية.
بشكل عام، فإن النساء في شمال شرقي سوريا يعيشن في بيئة قانونية معقدة تضعهن في مواجهة تحديات كبيرة في الحصول على حقوقهن وتنفيذ معاملاتهن الشخصية. ومع ذلك، فإن إرادة النساء في التغلب على هذه التحديات والسعي لتحقيق حقوقهن تظل قوية، رغم التحديات القائمة.
بالإضافة إلى التحديات القانونية، تواجه النساء في الجزيرة السورية تحديات اجتماعية وثقافية أيضًا. فالمجتمعات في هذه المنطقة غالبًا ما تتمسك بتقاليد وقيم تقليدية تضع النساء في مكانة ثانوية، مما يزيد من صعوبة مطالبتهن بحقوقهن ومشاركتهن بالقرار في الشؤون المجتمعية والسياسية.
علاوة على ذلك، يعاني العديد من النساء في هذه المنطقة من ضعف البنية التحتية ونقص الخدمات الأساسية، مما يجعل حياتهن أكثر صعوبة ويضيف عبئًا إضافيًا على كاهلهن، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وانعدام الاستقرار السياسي.
ومن الملفت أيضًا أن النساء في هذه المنطقة يلعبن دورًا مهمًا في المجتمع، حيث يشاركن في العمليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية رغم التحديات التي تواجههن. وتظهر قصص النجاح والإرادة الصلبة للنساء في تحقيق تقدم وتغيير إيجابي في مجتمعاتهن، حيث يعملن على تعزيز مكانتهن وتعزيز دورهن كأعضاء فاعلات ومساهمات في بناء المجتمعات المستدامة.
بالرغم من التحديات العديدة التي تواجه النساء في الجزيرة السورية، إلا أن روح المقاومة والتضامن تظل قوية، وتعكس إرادتهن القوية في تحقيق التغيير وتحسين ظروف حياتهن وحياة مجتمعاتهن